الكراهية الرقمية وعودة اللاجئين السوريين- بعد جديد لأزمة النزوح

المؤلف: فضل عبد الغني08.21.2025
الكراهية الرقمية وعودة اللاجئين السوريين- بعد جديد لأزمة النزوح

في كانون الأول/ديسمبر من العام 2024، شهدت الأزمة السورية منعطفاً هاماً بسقوط نظام بشار الأسد، مما أثار آمالاً بعودة اللاجئين والنازحين قسرياً. ومع ذلك، لا تزال هذه العودة الجماعية المنشودة تواجه صعوبات جمة تتجاوز التحليلات التقليدية المعتادة.

وفقاً لإحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، شهدت الفترة بين كانون الأول/ديسمبر 2024 ومنتصف عام 2025 عودة ما يقارب 500 ألف لاجئ و1.2 مليون نازح داخلي إلى مناطقهم الأصلية. هذه الأرقام، على الرغم من أهميتها، تبقى متواضعة إذا ما قورنت بأعداد المشردين قسرياً، والتي تصل إلى حوالي 6.8 ملايين لاجئ و6.9 ملايين نازح داخلي، موزعين في مختلف دول المنطقة وخارجها.

هذا المعدل المحدود للعودة، على الرغم من زوال العائق السياسي الرئيسي، يكشف عن وجود تحديات أعمق وأكثر تشابكاً، الأمر الذي يستدعي دراسة قانونية وحقوقية أكثر تفصيلاً.

لقد ركزت الجهود السابقة في فهم هذه المعوقات على الجوانب المادية الملموسة، مثل تدهور البنية التحتية، والنزاعات المتعلقة بحقوق الملكية، والتدهور الاقتصادي، والشواغل الأمنية المتبقية. إلا أن هذه الجهود لم تولِ الاهتمام الكافي لبُعدٍ بالغ الأهمية برز بقوة بعد أحداث الساحل والسويداء في سوريا، ألا وهو انتشار خطاب الكراهية والتحريض الطائفي عبر الإنترنت، والذي يتجاوز الحدود الجغرافية ويساهم في إدامة حالة التشريد عبر آليات رقمية وافتراضية.

تذهب هذه المقالة إلى أن خطاب الكراهية الإلكتروني، والتحريض الطائفي، والانتشار الواسع لمقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تشكل مجتمعة فئة مستقلة من المعوقات التي تؤثر بشكل واضح في قرارات العودة لدى النازحين واللاجئين السوريين.

عوائق العودة الطائفية

انتقال التوترات الطائفية من الواقع المادي إلى الفضاء الرقمي يمثل تحولاً في طريقة تعاطي المجتمعات الخارجة من الصراعات مع الانقسامات الهوياتية وترسيخها.

إن المفاهيم التقليدية للطائفية، التي تقوم على السيطرة على الأرض والعنف المباشر، أصبحت قاصرة عن استيعاب ديناميكيات النزوح المعاصرة، حيث خلقت التقنيات الحديثة مساحات افتراضية جديدة تطيل أمد النزاع.

هذا التطور يتطلب إعادة تقييم لمفهوم الحواجز الطائفية، مع الأخذ في الاعتبار الخصائص الفريدة للبيئة الرقمية، من حيث استدامتها وسهولة انتشارها وقدرتها على تجاوز الحواجز الزمنية والجغرافية.

تتجلى الطائفية الرقمية في نشر الكراهية القائمة على الهوية عبر المنصات الإلكترونية بشكل مكثف، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات، وإذكاء التوترات، وتعميق الانقسامات الداخلية، وبالتالي تهديد استقرار المجتمع في مرحلة ما بعد الصراع.

وعلى النقيض من العنف الطائفي التقليدي الذي يتطلب التقارب المكاني والقدرة التنظيمية، تعمل الطائفية الرقمية من خلال شبكات لامركزية عابرة للحدود، مما يسهم في ترسيخ الانقسامات بين مجتمعات الشتات.

تعكس الحالة السورية هذا التحول بوضوح، حيث تظهر منصات التواصل الاجتماعي انتشاراً واسعاً لخطابات الكراهية الطائفية قبل وبعد سقوط نظام الأسد، لاسيما عقب أحداث الساحل والسويداء، مما أدى إلى نشوء بنية رقمية تزيد من حدة الانقسامات الطائفية.

تلعب منصات التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في تعميق هذه الانقسامات من خلال آليات متعددة:

  • أولاً، تساهم الخوارزميات في تضخيم المحتوى الطائفي وتعزيز انتشاره، بينما تحجب الأصوات المعتدلة.
  • ثانياً، يؤدي الطابع الفيروسي للمحتوى التحريضي إلى تضخيم الحوادث الفردية أو المحلية، مما يعمم المخاوف المحلية لتصبح ذات طابع أشمل.
  • ثالثاً، تسمح الطبيعة المجهولة للعديد من المنصات بنشر خطاب متطرف يصعب التعبير عنه في التفاعلات الاجتماعية المباشرة.

تنتج هذه الآليات مجتمعة ما يمكن وصفه بـ "البنية التحتية العاطفية للكراهية"، أي البنية الرقمية التي تغذي وتعزز المشاعر الطائفية بشكل دائم عبر الزمان والمكان.

التأثير النفسي والاجتماعي لخطاب الكراهية عبر الإنترنت

يكشف الترابط الوثيق بين التعرض الرقمي للمحتوى الطائفي والتحديات التي تواجه الصحة النفسية للنازحين عن مسارات معقدة يتحول من خلالها خطاب الكراهية الإلكتروني إلى معاناة إنسانية حقيقية.

يمثل السياق السوري تحدياً فريداً في هذا المجال، إذ يواجه النازحون قسرياً مصادر متشابكة ومتراكمة للصدمات النفسية، بدءاً من التعرض المباشر للعنف، مروراً بالصعوبات المرتبطة بالنزوح، وانتهاءً بالتعرض المستمر للمحتوى الرقمي الطائفي الموجه ضد مجتمعاتهم. هذه "الصدمة الثلاثية" تزيد من حدة التحديات النفسية التي يعانيها ضحايا التشريد القسري.

تسهل المنصات الرقمية انتشار ما يسميه المختصون النفسيون "الصدمة الثانوية"، عبر التداول الواسع لمقاطع الفيديو التي تصور مشاهد العنف، مما يؤدي إلى إعادة تنشيط استجابات الصدمة لدى المشاهدين.

تشير الدراسات التي أجريت على النازحين إلى أن هذه الآثار النفسية لا تتلاشى مع مرور الوقت، بل قد تتفاقم نتيجة استمرار التعرض للمحتوى الرقمي الصادم، والذي تساهم الخوارزميات في تكرار ظهوره أمام المستخدمين الذين سبق أن تفاعلوا مع محتوى مرتبط بالصراع، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء دورات من الصدمات المتجددة، تبقي النازحين في حالة تأهب مستمر، حتى مع تراجع التهديدات الجسدية.

إن بث الخوف عن طريق الخطاب الطائفي الرقمي يسهم في تشكيل قرارات العودة لدى النازحين واللاجئين عبر آليات نفسية محددة، حيث يخلق المحتوى التحريضي عبر الإنترنت قلقاً استباقياً تجاه سيناريوهات العودة، محولاً الاحتمالات النظرية إلى مخاوف واقعية من خلال استخدام لغة وصور تهديدية ومباشرة.

تؤكد دراسات ميدانية حول العائدين المحتملين أن التعرض للمحتوى الطائفي الرقمي يزيد من شعورهم بالتهديد، ويضعف الثقة في الضمانات الأمنية المعلنة، ويرفع من تقديرات المخاطر المحتملة عند العودة.

إن استمرار تواجد المحتوى التحريضي على الإنترنت يجعل من التهديدات التي صدرت خلال ذروة النزاع حاضرة دوماً في أذهان النازحين، فيما يعرف بـ "الانهيار الزمني"، مما يضطر العائدين المحتملين إلى تقييم أوضاعهم لا بناءً على الظروف الراهنة فحسب، بل استناداً إلى المحتوى الرقمي المستمر الذي يشير إلى مخاطر محتملة في المستقبل.

ساحة المعركة الرقمية في سوريا وتأثيرها على ديناميكيات العودة

برزت البيئة الرقمية في سوريا ما بعد الصراع كساحة معركة محتدمة، تتصارع فيها السرديات الطائفية حول تشكيل تصورات العودة وظروفها. كانت هذه الظاهرة في البداية محصورة نسبياً ضمن نطاق المواجهة بين الموالين لنظام الأسد والمعارضين له، غير أن الأحداث الأخيرة في الساحل في آذار/مارس، وفي السويداء في تموز/يوليو 2025، أطلقت العنان لموجة من الخطابات الطائفية، يُرجح أن يكون لها تداعيات بعيدة المدى تتجاوز المستقبل المنظور.

لا تقتصر هذه الظاهرة على مجرد تصعيد في حدة الخطاب، بل تشير إلى تحول جوهري في آليات تكوين الهويات الطائفية وتوظيفها سياسياً واجتماعياً كسلاح في الصراع السوري.

تستغل هذه الهويات البيئة الرقمية متعددة المنصات، مما أدى إلى انتشار واسع النطاق لمحتوى الكراهية، واستدامة لم تشهدها الأشكال التقليدية من النزاعات الطائفية.

تطور الخطاب الطائفي على الإنترنت من مجرد إشارات مبطنة أو تلميحات غامضة إلى خطاب صريح قائم على استهداف واضح للهويات الفرعية، مما أدى إلى نشوء توترات وانقسامات داخلية تهدد بجدية فرص التعايش السلمي.

يعكس هذا التحول اللغوي تحولات هيكلية أعمق على مستوى الإدراك المجتمعي السوري لمفاهيم الاختلاف والانتماء، إذ يسهم الأرشيف الرقمي للهويات الطائفية عبر الوسوم (الهاشتاغات) والمجموعات والعبارات المنتشرة في خلق ما يمكن وصفه بـ "أرشيف الكراهية"، وهو ما يجبر العائدين المحتملين على التعامل معه كجزء من تقييمهم لفرص العودة الآمنة إلى مناطقهم الأصلية.

برزت منصات رقمية محددة كقنوات رئيسية لنشر وتعزيز الخطاب الطائفي، وتمتاز كل منها بسمات خاصة تؤثر في طبيعة المحتوى المنشور وانتشاره. تتحول مجموعات فيسبوك المنظمة وفق التقسيمات الجغرافية إلى ساحات افتراضية توثق فيها الحوادث الطائفية وتناقش وتضخم، فتحول بذلك الأحداث المحلية إلى روايات عامة تؤثر في العلاقات بين مختلف الطوائف.

في حين تسهم مجموعات واتساب، بحكم خصوصيتها وتشفيرها وديناميكياتها القائمة على التقارب الشخصي، في انتشار واسع للتقارير غير الموثقة والشائعات التحريضية ضمن دوائر موثوقة اجتماعياً، مما يمنح الخطاب الطائفي مصداقية أكبر من خلال التفاعل المباشر.

تتيح طبيعة منصة إكس، بما فيها من مزايا التفاعل الآني وانتشار الوسوم، إمكانية التصعيد السريع للتوترات الطائفية، خاصة في أوقات الأزمات أو الأحداث البارزة. كما تؤدي قنوات تليغرام دوراً محورياً كمنصات للتنسيق والتعبئة الطائفية، ولا سيما تلك التي يديرها أفراد أو جماعات ترتبط بالنظام السابق، أو بالفصائل المسلحة، أو بالمجموعات المتطرفة، وتسعى عبر محتواها التهديدي إلى استهداف مجتمعات بعينها.

تشير الدلائل المتاحة إلى أن العديد من هذه الحسابات قد تكون موجهة من قبل دول أو جهات تسعى لتعميق الانقسامات، بغرض تحويل الأزمة الطائفية إلى مواجهات مسلحة تبقي النازحين بعيداً عن أوطانهم الأصلية.

مقاطع الفيديو العنيفة كوسيلة رادعة للعودة

يمثل تداول مقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر الشبكات الرقمية وسيلة فعالة وواسعة الانتشار في إطالة أمد النزاع الطائفي، لتصبح حاجزاً نفسياً وعاطفياً قوياً يردع اللاجئين والنازحين عن العودة، متجاوزاً الاعتبارات العقلانية المتعلقة بالتقييم الأمني للوضع.

تنتشر على نطاق واسع تسجيلات تبث مشاهد عنف ذات طابع طائفي، سواء كانت تاريخية أو حديثة العهد، بدءاً من مشاهد المجازر القديمة وانتهاكات الكرامة الإنسانية، ووصولاً إلى لقطات عمليات التدمير والترهيب المعاصرة. توزع هذه المواد المرئية عبر الشبكات الرقمية السورية بتأثير قوي تضمنه الخوارزميات الحديثة.

تقوم هذه المقاطع بوظائف متعددة، فهي تخلد الصدمات التاريخية، وتكرس التهديدات المستمرة، وتلقي بظلالها القاتمة على سيناريوهات العودة المستقبلية. يؤدي استمرار توفر هذه المواد الرقمية إلى إبقاء تأثير العنف الماضي حاضراً بشكل دائم، مما يقلص المسافة الزمنية بين فظائع الأمس وقرارات اليوم.

يظهر التأثير المدمر لهذه الفيديوهات جلياً على عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بالعودة لدى اللاجئين والنازحين، وذلك من خلال آليات نفسية معقدة تدمج الأدلة البصرية بشكل مباشر في عملية تقييم المخاطر المحتملة.

يشير العائدون المحتملون إلى أن مجرد مشاهدة مقطع واحد يصور أعمال عنف طائفي في مناطقهم الأصلية قد يكون كافياً لترجيح قرار عدم العودة، حتى لو تعددت التقارير التي تتحدث عن تحسن نسبي في الظروف الأمنية الميدانية.

تضمن الطبيعة الفيروسية لهذا المحتوى أن تكتسب الحوادث المنعزلة أو المتفرقة تأثيراً مبالغاً فيه، حيث تنتقل هذه المقاطع بسرعة كبيرة بين مجتمعات الشتات السوري، متجاوزة بذلك أي معلومات سياقية أو تقييمات موضوعية للمخاطر الفعلية، مما يعزز ما يعرف في الأدبيات النفسية بـ "سلاسل التوافر المعرفي"، أي أن الصور والمقاطع المتوفرة بسهولة عن العنف تهيمن على إدراك النازحين لمستوى الخطورات المحتملة.

يخلق هذا المحتوى الرقمي "جغرافيات خوف متخيلة"، وهي بنية نفسية وعاطفية تكرس استمرار النزوح وتتحدى المفاهيم التقليدية للانتماء الجغرافي. تتحول مقاطع الفيديو التي تصور العنف إلى "نصب رقمية" دائمة تذكر النازحين بأماكن يعتبرونها ملوثة بالعنف الطائفي بشكل لا يمكن تجاوزه أو نسيانه، بغض النظر عن الواقع الحالي.

تتكون هذه الجغرافيات المتخيلة من خرائط عاطفية قوامها الخوف والاشمئزاز والغضب، وتؤثر بقوة في قرارات العودة، حتى من مسافات بعيدة. يصف اللاجئون السوريون ردود أفعالهم الغريزية عند مشاهدة مقاطع توثق عنفاً في مناطقهم الأصلية، والتي تتحول إلى مشاعر نفور واشمئزاز عميقين، لتتحول تلك المشاعر بدورها إلى قرارات قاطعة برفض العودة.

خاتمة

تشكل خطابات الكراهية الرقمية، والتحريض الطائفي، وانتشار مقاطع الفيديو التي تصور العنف عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يمكن تسميته بـ "البعد الرابع" لأزمة النزوح السوري، وهو بعد يتداخل مع عوامل النزوح التقليدية كالتدمير المادي، والتهديدات الأمنية، والعقبات القانونية، والقيود الاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يتمتع باستقلالية واضحة عنها.

يتميز هذا البعد الرقمي بخصائص فريدة تستدعي إعادة النظر بشكل جدي في السياسات والمقاربات المتعلقة بالعودة، إذ إنه عابر للحدود، ومستمر رغم التحولات السياسية، ويخلق عوائق نفسية وعاطفية قد تكون أكثر صعوبة من العوائق المادية التي اعتدنا عليها.

تؤكد الحالة السورية بوضوح كيف يجد النازحون واللاجئون أنفسهم أمام تحديات جمة لا تقتصر على تدمير البنى التحتية أو النزاعات المتعلقة بحقوق الملكية، بل تشمل كذلك بيئة رقمية مشبعة بالكراهية الطائفية، تعيد باستمرار إنتاج الظروف النفسية والاجتماعية التي أدت إلى نشوب الصراع.

إن الاعتراف السياسي بالطائفية الرقمية بوصفها عائقاً أساسياً أمام عودة النازحين واللاجئين يحمل في طياته تداعيات جوهرية، ويتطلب من الحكومة السورية ومن المجتمع الدولي تطوير إستراتيجيات متقدمة تدمج ما بين الجوانب التقنية، والنفسية، والسياسية.

إذ ينبغي استكمال الجهود التقليدية لتيسير العودة، والتي تتركز عادة على إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة، وحل النزاعات القانونية، وتوفير الضمانات الأمنية، بمبادرات رقمية تهدف إلى بناء السلام والتعايش بين مكونات المجتمع السوري.

تتضمن هذه المبادرات تأسيس وحدات متخصصة ضمن آليات العدالة الانتقالية، تتولى رصد وتحليل ومعالجة خطاب الكراهية والتحريض على العنف في الفضاء الرقمي، بالإضافة إلى تطوير شراكات فعالة مع منصات التواصل الاجتماعي الكبرى من أجل تحديد وإزالة المحتوى الذي يحرض على العنف الطائفي.

كما ينبغي العمل على إنشاء برامج تعليمية مبتكرة تعزز "محو الأمية الرقمية"، بهدف تمكين النازحين واللاجئين من تقييم المحتوى الرقمي المطروح بشكل نقدي، وتشجيع ودعم إنتاج روايات بديلة ترفض التأطيرات الطائفية وتعمل على تعزيز قيم التعايش والتماسك الاجتماعي.

علاوة على ذلك، فإن مواجهة التحديات المتزايدة في المجال الرقمي تتطلب تشريعات متخصصة، وبناء قدرات مؤسسية راسخة، وإرساء أطر تعاون دولي وأممي تكون قادرة على التصدي للطبيعة العابرة للحدود الوطنية للمحتوى الطائفي المنتشر.

العودة المستدامة للسوريين لا تقتصر على إعادة بناء المدن المدمرة أو تصحيح الأوضاع القانونية المعلقة فحسب، بل تقتضي أيضاً استعادة المجال الرقمي من قبضة تجار الكراهية والتحريض الطائفي. يتطلب هذا الأمر تحولاً جذرياً في إدراك مفهوم العودة بعد انتهاء النزاع، من مجرد انتقال جغرافي إلى تفاوض معقد مع بيئات رقمية تؤثر بشكل عميق في تصورات الهوية، والأمن، والتعايش المشترك.

من خلال إدراك هذه الحقيقة الجلية، يمكن للمجتمع الدولي أن يساهم بفاعلية في خلق الظروف المواتية التي تمكّن ملايين النازحين واللاجئين السوريين من العودة الآمنة إلى ديارهم، دون أن يرافقهم هاجس الخوف المستمر من الكراهية الرقمية التي ما زالت تنتشر بقوة وسرعة في شبكات التواصل التي تجمعهم وتفرقهم في آن واحد.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة